إضاءات حلبية

الكتاب باقة أزهار من بستان التراث والتاريخ والآثار والفاعلين في الأحداث، فيها عبق الماضي وعطر الحاضر وأمل في مستقبل باسم أكثر ازدهاراً. إنه الكتاب الثالث، ولعله الأخير، بالعنوان نفسه الرافد لكتابي “معالم حلب الأثرية”، وذلك بإضافة معلومات، بعضها غير مسبوق، عن حلب ونشاطها الأدبي والاجتماعي والاقتصادي وجهود أبنائها في بناء التراث المادي واللامادي، قراءات في كتب تاريخ .. وذكريات، تجاوزت الخمسين عاما، مع جمعية العاديات والمديرية العامة للآثار وجريدة الجماهير، والأعلام والأصدقاء الذين أبدعوا وأتوا الأمانة ورحلوا عن دنيانا لكن ذكراهم باقية لا تزول وكلنا أمل، وبعونه تعالى، في عودة الحياة الطبيعية وإعادة إعمار بلادنا ومدينتنا حلب الحبيبة، وكما ترتفع أحجار مئذنة جامعنا الكبير. يوما بعد يوم، هكذا ينمو في قلوبنا الأمل بالنهوض من كبوتنا. فالأمل، كما يقول مثل ألماني، آخر ما يموت.

عبد الله حجار

reading theores1

نظريات القراءة

 


نظريات القراءة
من البنيوية إلى جمالية التلقي
تكاد نصوص هذا الكتاب أن تقدم صورة عن النقد المعاصر، وعن الاتجاهات السائدة الآن، وعن النقاشات التي طرحتها هذه الاتجاهات بين النقاد والباحثين والمهتمين بمجال المناهج وتطبيقها على النصوص الأدبية. وهذ النصوص إذن تحاول أن تقدم للقارئ المفاتيح الأولية والأساسية لفهم المبادئ والنظريات التي قامت عليها تلك المناهج، وتحاول من خلال ذلك أن تجعله يتتبع، ليس التنوع الكبير الذي يطبع المشهد النقدي المعاصر فحسب، بل والتطورات التي شهدها هذا المشهد بدءا من المدرسة البنيوية، مرورا بالسوسيولوجيا والهرمينوطيقيا والتفكيكية والسيميولوجيا، وصولا إلى نظريات التلقي كما صاغها وولفغانغ آیزر وهانز روبرت باوس، وهي بهذا تلبي حاجة باحثينا وطلابنا إلى معرفة الظروف التي نشأت فيها هذه المناهج، وإلى تبين الاتجاهات التي أصبحت واضحة القسمات والمعالم، وإلى تكوين معرفة بالإشكالات التي بات يطرحها المنهج المعاصر . أيا كان في إطار المشهد النقدي.
والواقع أنني حاولت أن أجعل هذا الكتاب . سواء من حيث اختیار نصوصه أو ترتيبها . يسير في اتجاه رسمته بكثير من العناية، حتى أتيح للقارئ إمكانية تتبع التطور الملموس للمشهد النقدي، وهو اتجاه يتغيا توضيح إشكالية محددة، هي إشكالية “القراءة” . القراءة باعتبارها شكلا من أشكال المنهج، وبوصفها منهجية تعطي أكبر قدر من الحرية إلى الذات في اشتغالها على النص الأدبي. لذلك، فلا غرابة إذا كانت الحدود بين المنهج والقراءة تكاد تكون منعدمة بالنسبة للقارئ العادي بل والمختص، ولا غرابة أيضا إذا كان التنظير يتماشى ويلتقي بالتطبيق في معظم هذه النصوص. وقد ندعي أن أهمية هذه النصوص التي تقدم لأول مرة إلى القارئ العربي، تكمن بالذات في هذين الجانبين، أي في القاء المنهج بالقراءة، وفي إثراء التطبيق للتنظير.

ورقة من مخطوط كشف الأسرار عن حكم الطيور والأسرار

تأليف: ابن غانم، عبد السلام بن أحمد، المقدسي، عز الدين المتوفى سنة 678هـ/1280م.

مخطوطة برقم: 10833، عدد أوراقها: 27 ورقة، نسخت سنة 1232هـ.

هو مخطوط في الأدب عبارة عن محاوراتٍ نثرية وشعريةٍ بين الطيور والأزهارِ والمؤلف، القسم الأول منها في إشارات الأزهار، والقسم الثاني في إشارات الطيور، والقسم الثالث في إشارات الحيوانات.

الهدف من تأليفه: هو توجيهُ الوعظِ لأبناءِ جنسهِ من البشر، وحثِّهم على الفضائلِ الأخلاقيةِ، وذلك على لسانِ الطيورِ تارةً، والأزهارِ تارةً أخرى.

وقد استخدم المؤلفُ جميعَ أساليبِ علمِ البديع، كما استخدم أسلوبَ التلميحِ لتوصيل مايريده.

إشارة الورد     4/أ ـ ب

ثم سمعت مجاوبةَ الشحارير بأفنانها، والأزاهيرَ بألوانِها، فرأيت الوردَ / يخبرُ عن طيبِ ورودِه، ويعترفُ بعرفِه عندَ شهودِه، فيقول: أنا الطَّيفُ الواردُ بين الشتاءِ والصيف، أزورُ كما يزور الضَّيف، فاغتنموا وقتي، فإن الوقتَ سيف، أُعطيْتُ نفَسَ العاشق، وكُسيْتُ لونَ المعشوق، فأروّحُ الناشق، وأهيّجُ المشوق، فإنا الزائر وأنا المزور، فمن طمع في بقائي فإن ذلك زور، ثم من علامةِ الدَّهرِ المكدورِ والعيشِ الممرورِ أنَّني حيث ما أنبتُ الأشواكُ تزاحمني وتجاورني، فأنا بين الأدغالِ مطروح، وبنبالِ شوكي مجروح، وهذا دمي على خدِّي يلوح، فهذا حالي، وأنا ألطفُ الأوراد، وأشرفُ الورَّاد، فمن صَبر على نكدِ الدُّنيا فقد بلغ المراد، وبينما أنا أرفلُ في حُلَلِ النَّضارة إذ قطفتني يدُ النظّارة، فأسلمتني من بين الأزاهيرِ إلى ضيق القوارير، فَيُذاب جسدي، ويُحرَق كبدي، ويُمزَّق جِلدي، ويُقطَّرُ دمعي النّديِّ، ولا يقام بأودي، ولا يؤخذ بقودي، فجسدي في حرق، وجفوني في غَرَق، وكبدي في قلق، وقد جعلْتُ مارشحَ من عرقي شاهداً لما لاقيتُ من حرقي، فيتأسى باحتراقي أهلُ الاحتراق، ويتروَّح بنفسي ذوو الأشواق، فأنا فانٍ عنهم بإياي، باقٍ فيهم بمعناي.