“إنه قصة بسيطة لنضال شعب على رقعة صغيرة من كوكبنا من أجل الارتقاء فوق الانقاسامات والاضطهاد والاستغلال، وعدم المساواة، والبؤس، كما رأتها عينا شخص ليس مهماً نسبياً، وليس وصياً أو نائباً عن المشاركين في هذا النضال. كما إنه قصة تطلعات فردية وجماعية، وشخصية وسياسية، تُمزج بطريقة فوضوية مع الوقائع القاسية للحياة والتاريخ”.
هذه هي القصة التي يرويها كتاب “أغانٍ وأسرار: جنوب إفريقيا من التحرر إلى الحكم”، تأليف: باري غيلدر، ترجمة: سوسن بدر، الصادر ضمن “المشروع الوطني للترجمة”، عن الهيئة العامة السورية للكتاب، الذي أقيم له اليوم في مكتبة الأسد الوطنية حفل توقيع سُبق بندوة حول هذا الكتاب حضرتها وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح، والمدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب الدكتور نايف الياسين، وعدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي، والمهتمون بالشأن الثقافي. وشارك فيها كل من مؤلف الكتاب السيد باري غيلدر سفير جمهورية جنوب إفريقيا في دمشق، والسيدة سوسن بدر مترجمة الكتاب، والدكتور باسل المسالمة مدير الترجمة في هيئة الكتاب، والدكتور جابر سليمان؛ وأدارها الأستاذ حسام الدين خضور.
وفي تصريحها للصحفيين أكّدت السيدة وزيرة الثقافة أن الظروف التي يشهدها العالم العربي اليوم تحتم علينا نوعاً آخر من الأنشطة الثقافية المتعلقة بالروح النضالية للشعب السوري، وتاريخه النضالي، وارتباطه العضوي بالشعب الفلسطيني، مشددةً على الحزن الكبير الذي أصاب الجميع نتيجة الجرائم الوحشية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، دون أن تُغفل الموقف المتوقع والمشين للدول التي تدعي الديمقراطية، والتي خدعت العالم بمبادئها وقيم ثوراتها، وهي تسعى فقط لتحقيق مصالحها. وتابعت: “إن هنالك توءمة، إن صح القول، بين نضال شعوبنا والنضال الذي خاضه الشعب في جنوب إفريقيا، فهو شعب استُعبد، وسُلبت مقدارته، وناضل وأثمر نضاله عن التحرر في النهاية. لذلك نود اليوم الإضاءة على هذه النضالات لنعطي الإيمان ونغذي الأمل بأن الصبر والعمل والكفاح لا بد أن تؤتي ثمارها، وأن الشعوب لن تنام على ضيم”.
بدوره وجّه مؤلف الكتاب السيد باري غيلدر سفير جمهورية جنوب إفريقيا في دمشق الشكر لوزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب على ترجمة هذا الكتاب مبيناً أن الفنون والآداب هي وسائط هامة للغاية لنقل تجارب الشعوب في الكفاح، وتجاربها المجتمعية، وبطرق ربما تكون أكثر فعالية من سواها. وأردف: “يتحدث هذا الكتاب عن النضال ضد نظام الفصل العنصري الذي أنشأه الاستعمار البريطاني في جنوب إفريقيا، حيث كان السود مستثنين من كثير من الحقوق، ومنها حق التصويت، والحقوق الاقتصادية، وسواها…”. وأضاف: “ولعل القاسم المشترك بين ما جرى في سورية، وما يجري الآن في فلسطين، وما جرى في جنوب إفريقيا هو الإمبريالية والاستعمار؛ فالدول التي دعمت نظام الفصل العنصري، هي الدول ذاتها التي وقفت ضد سورية في الفترة الأخيرة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا”.
بدوره بيّن الدكتور نايف الياسين أن هذا الكتاب يجمع بين خبرة المقاتل الذي شارك في نضال حزب المؤتمر الإفريقي وبين روح الفنان، فهو كتاب يمتاز بصياغته الروائية والسينمائية. كما أنه أشبه ما يكون بالسيرة الذاتية فهو يروي حياة مؤلفه الذي قضى نحو خمس عشرة سنة في التدرب على القتال، والعمل الاستخباراتي ضد نظام الفصل العنصري، ليتقلّد مناصب مهمة بعد انتهاء حكم ذلك النظام. ويضيف: “وكثيراً ما عقد المؤلف مقارنات بين ممارسات نظام الفصل العنصري وممارسات الكيان الصهيوني في فلسطين. لذلك يعد الاحتفاء بهذا الكتاب حدثاً مهماً، ولا سيما في هذه الأوقات التي يسجل فيها التاريخ هجوماً بربرياً على غزة، وللتذكير بالممارسات الصهيونية غير الإنسانية الدائمة ضد أهلنا في فلسطين”.
من جانبها رأت مترجمة الكتاب السيدة سوسن بدر أن هذا الكتاب الذي سرده مؤلفه بطريقة سينمائية، واستعمل فيه مقاطع إخبارية ضمّنها الحديث عما جرى ويجري في العالم ككل سواء في فلسطين، أو في سورية، أو في العراق، ليس قصة ذاتية خاصة، بقدر ما هو قصة إنسانية شاملة يمكن أن تنطبق على كل زمان أو مكان.
المكتب الصحفي في هيئة الكتاب